الأحاديث الواردة بشأن الأذان والإقامة في أذن الوليد
لا تخلو أسانيدها من ضعف ، وخاصة ما ورد منها بشأن الإقامة في الأذن اليسري ، فإنها في غاية الضعف ، ومن أخذ بها من أهل العلم فمن باب الترخص بالأخذ بالضعيف في فضائل الأعمال .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"هذا بيان للناس ، كنا نقول من قبل بشرعية الأذان في أذن المولود ، مع العلم بأن الحديث الذي ينص على سنية الأذان في أذن المولود ، مروي في سنن الترمذي بإسناد ضعيف ،
وقال الشيخ سليمان بن ناصر العلوان :
" الحديث الوارد في الأذان في أُذن المولود لا يثبت ... ولا يصح في الباب شيء ؛
فيصبح الأذان في أذن المولود غير مستحب . والأحكام الشرعية – من واجبات ومندوبات ومحرمات ومكروهات – لا تقوم إلا على أدلة صحيحة وأخبار ثابتة " .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :
هل الأذان للمولود في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى يكون في اليوم السابع أم في اليوم الأول ، أم متى يكون ذلك ؟
فأجاب رحمه الله :
●" أولا : لابد أن نسأل : هل هذا من الأمور المشروعة أم لا ؟ لأن الأحاديث الواردة في ذلك ليست بتلك القوة ، لاسيما الإقامة ، ومن صحح الأحاديث الواردة في ذلك قال : إنه يكون عند ولادة المولود كما جاء في هذه الأحاديث ".
●"ثانياً :
ذكر العلماء الحكمة من التأذين في أذن المولود أول ما يولد عند من يستحبه من العلماء حتى يكون أول ما يطرق سمعه هذه الكلمات التي فيها تعظيم الله وتكبيره والشهادة له سبحانه بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، ولأن الأذان يطرد الشيطان .
قال ابن القيم رحمه الله :
"وسر التأذين ـ والله أعلم ـ أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها ، وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثيره به وإن لم يشعر ، مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان ، وهو كان يرصده حتى يولد فيقارنه للمحنة التي قدرها الله وشاءها فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به .
وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان ، كما كانت فطرة الله التي فطر عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم ".
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" قال العلماء : والحكمة في ذلك أن يكون أول ما يسمعه الأذان الذي هو النداء إلى الصلاة والفلاح ، وفيه تعظيم الله وتوحيده والشهادة لنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة " .
وأما قول من قال : إنما كان الأذان والإقامة يوم مولده والصلاة يوم وفاته ، فهذا القول لا شك عندنا في خطئه ، للأسباب التالية :
1- أن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة كما سبق .
2- أن هذا القول لم يقله أحد من علماء المسلمين ـ فيما نعلم ـ .
3- أن عدم الأذان والإقامة ليس خاصاً بصلاة الجنازة حتى نلتمس له هذه العلة الباطلة ، فهناك الكثير من الصلوات لا أذان لها ولا إقامة ، فصلاة النوافل ، والعيدين ، والكسوف ، والاستسقاء ، كلها لا أذان لها ولا إقامة ، ثم هناك من المسلمين من لا يصلى عليه وهم الشهداء ، وبهذا يتبين بطلان هذا القول المسؤول عنه .
ويُخشى أن يكون هذا القول وأشباهه من التقول على الشرع ، والافتراء على الله ، وجرأة على تعليل أحكام الله بعلل ليس لها أصل ، والواجب على المسلم ألا يتكلم في الأحكام الشرعية إلا بعلم ، وليعلم أنه مسؤول عن هذا القول من أين أتى به ؟
قال الله تعالى : (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) الإسراء/36 .
والله أعلم
https://islamqa.info/ar/136088
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق